عادةً ما يبحث مديرو التوظيف عن مرشحين يتمتعون بمزيج من المهارات التقنية والمهارات الوظيفية المهارات التقنية هي تلك التي تتطلب تدريباً متخصصاً أو تعليماً رسمياً، وهي مرتبطة بمهام أو مهن محددة، مثل الطب أو الهندسة. هذه المهارات تُمكّن الأفراد من أداء مهامهم الوظيفية بكفاءة ودقة، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من نجاحهم في تخصصاتهم.
أما المهارات الوظيفية أو ما يُعرف بـ "المهارات الناعمة"، فهي لا تقل أهمية عن المهارات التقنية، بل يُمكن القول إنها تلعب دورًا محوريًا في النجاح المهني والشخصي. المهارات الناعمة تشمل القدرة على التواصل الفعّال، العمل الجماعي، حل المشكلات، التفكير النقدي، والذكاء العاطفي. هذه المهارات تعكس كيفية تعامل الشخص مع الآخرين، وكيفية تفاعله في بيئة العمل.
السبب في أهمية المهارات الناعمة يعود إلى تأثيرها المباشر في نجاح الفرد داخل المؤسسة أو الفريق. على سبيل المثال، يمكن أن يكون الشخص بارعًا في مهامه الفنية، لكنه إذا لم يكن قادرًا على التواصل بوضوح مع زملائه أو حل النزاعات بطريقة بناءة، فقد يواجه تحديات كبيرة في التكيف مع بيئة العمل. علاوة على ذلك، تُعتبر هذه المهارات عنصرًا حاسمًا في بناء علاقات مهنية قوية وزيادة الإنتاجية وتحسين المناخ العام في بيئات العمل.
امتلاك المهارات الناعمة يساعد الأفراد أيضًا على التكيف مع التغيرات السريعة في سوق العمل. في عالم يشهد تطورات تقنية مستمرة، تتزايد أهمية القدرة على التعلم المستمر والتكيف، وهنا تأتي أهمية المهارات الناعمة مثل التفكير الإبداعي وإدارة الوقت والمرونة. علاوة على ذلك، تُمكن المهارات الناعمة الأفراد من أن يصبحوا قادة أفضل، حيث تساعدهم في تحفيز فرقهم والتعامل بفعالية مع التحديات والمواقف المعقدة.
باختصار، بينما تركز المهارات التقنية على "ما يمكن أن تفعله"، تركز المهارات الناعمة على "كيف تفعل ذلك" وكيف تتفاعل مع الآخرين أثناء القيام بعملك. النجاح المهني والشخصي لا يتحقق بدون توازن بين هذين النوعين من المهارات، وهذا ما يجعل امتلاك المهارات الناعمة ضرورة لا غنى عنها في الحياة العملية.
المهارات الوظيفية أو المهارات الناعمة (Soft Skills) هي عنصر أساسي لتحقيق النجاح في أي بيئة عمل. ومن بين هذه المهارات
مهارات التواصل
تعد مهارات التواصل من أهم المهارات الوظيفية التي يجب أن يمتلكها أي موظف. فغالبية الوظائف تتطلب القدرة على التواصل بفعالية مع الآخرين، سواء كانوا عملاء، زملاء، مديرين، أو بائعين. القدرة على التعبير بوضوح وإيجابية تسهل التفاهم وتجنب سوء الفهم. سواء كان التواصل وجهاً لوجه أو عبر المراسلات، يجب أن تكون قادرًا على نقل أفكارك بوضوح وإيجابية.
مهارات الاستماع
هل تُعد مستمعًا جيدًا؟ القدرة على الاستماع الفعال هي إحدى المهارات الأساسية التي يبحث عنها المديرون، فهي تساهم في فهم المهام والمشاريع بدقة، وبناء علاقات متينة مع زملاء العمل. بالإضافة إلى ذلك، تساعد مهارات الاستماع على حل المشكلات والنزاعات. يمكنك تحسين هذه المهارة من خلال الانتباه الكامل لما يقوله الآخرون، وطرح الأسئلة لتوضيح النقاط، وإعادة صياغة ما تم قوله لضمان الفهم الصحيح.
الثـقة
الثقة بالنفس من المهارات الحيوية التي تترك انطباعًا إيجابيًا لدى العملاء والزملاء على حد سواء. ومع ذلك، يجب الحذر من الوقوع في فخ "الثقة المفرطة". عند إظهارك لثقة مناسبة، تمنح الآخرين الثقة في قدرتك على الوفاء بالتزاماتك. الثقة تساعدك على مواجهة المشاكل وحلها بدلًا من تجاهلها. يمكنك تعزيز ثقتك بنفسك من خلال الحفاظ على تواصل بصري جيد أثناء المحادثات واستخدام نبرة صوت ودية وحازمة، خاصة عند التواصل عبر الهاتف.
التعــاطف
التعاطف هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين ورؤية الأمور من منظورهم. عندما تتعاطف مع شخص ما، فأنت تضع نفسك في موقفه وتشعر بما يشعر به. من علامات الشخص المتعاطف: القدرة على الاستماع الجيد، تلقي المشورة من الآخرين بانتظام، التفكير بما يشعر به الآخرون، والرغبة في مساعدة الآخرين في حل مشاكلهم. ومع ذلك، يجب الحذر؛ فالانغماس في مشاكل الآخرين قد يؤدي إلى الإرهاق العاطفي.
الاحتــرام
الاحترام هو المهارة التالية بعد التعاطف، وهو القدرة على قبول أفكار الآخرين وآرائهم حتى وإن كانت تختلف عن معتقداتك. كما تحب أن يُحترم رأيك وأفكارك، يجب عليك أن تعامل الآخرين بالمثل دون تجريح أو إهانة.
الخطابة
الخطابة أو مهارة الحديث أمام جمهور هي مهارة يجب أن تبدأ في تطويرها من الآن، لأنها ستكون ضرورية في العديد من المواقف والمناسبات. تعلّم كيف تختار كلماتك بعناية، وكيف تستخدم نبرة صوتك بشكل صحيح، متى ترفع صوتك أو تخفضه، وكيف تركز على الجوانب الهامة التي تجعل حديثك جذابًا ومؤثرًا. القدرة على إيصال رسالتك بوضوح وجاذبية ستجعلك أكثر فعالية في التواصل مع الآخرين وستفتح لك العديد من الفرص.
الانتباه إلى التفاصيل
ربما شاهدت مسلسل "شارلوك هولمز"، ولكن لحسن الحظ، لا تحتاج إلى هذا المستوى المعقد من الانتباه إلى التفاصيل في حياتك اليومية. بدلاً من ذلك، يكفي أن تركز على التفاصيل الهامة في عملك وحياتك، فهذا سيجنبك الكثير من العناء. انتباهك للتفاصيل يعطي انطباعًا قويًا بأنك ملتزم بأداء مهامك بدقة واحترافية. كما يساعدك على طرح الأسئلة المناسبة في الوقت المناسب، وتحليل الأمور بشكل أكثر عمقًا. هذه المهارة ترتبط بشكل مباشر بالقدرة على حل المشكلات.
حل المشاكل
بعد أن تنتبه للتفاصيل وتحلل المعلومات بدقة، يأتي دور حل المشاكل. من الضروري أن تطور قدرتك على إيجاد حلول عملية وفعالة للتحديات التي تواجهك. قد تكون ماهرًا في تحديد المشكلات ونقد الأمور من حولك، ولكن ما يهم حقًا هو كيف ستتعامل معها. حل المشاكل يتجاوز المفاهيم النفسية؛ فهو يشمل التعامل مع مختلف التحديات الحياتية مثل الخلافات الأسرية، والصعوبات المالية، وحتى التحديات الاجتماعية.
استخدام الحاسب الآلي
استخدامك للحاسب يتعدى مجرد تشغيله وإيقافه. من المهارات الأساسية التي يجب أن تتقنها هي الكتابة السريعة، خاصة إذا كنت ممن يتعاملون مع اختبارات أو تقارير إلكترونية. بالإضافة إلى ذلك، إتقان برامج الحزمة المكتبية مثل مايكروسوفت أوفيس أو ما يماثلها، والتي تتضمن برامج مثل وورد، باوربوينت، وإكسيل، يعدّ من المهارات الأساسية التي تحتاجها في أي بيئة عمل حديثة. هذه المهارات تساهم في تعزيز كفاءتك الإنتاجية وتسهيل أدائك اليومي.
إدارة الوقت
قد أستفيض في تقديم العديد من المقولات الملهمة حول أهمية إدارة الوقت، لكنني أعلم أنك على دراية بأغلبها، وربما قرأت كتبًا لأمثال إبراهيم الفقي وديل كارنيجي وغيرهم ممن تحدثوا عن هذا الموضوع. ومع ذلك، أرى أن إدارة الوقت لا تزال من المهارات التي نفتقدها في كثير من الأحيان. تبدأ المشكلة بتأجيل الأعمال التي نرغب في القيام بها، وتزداد سوءًا مع التشتت المتكرر الذي يبعدنا عن تحقيق أهدافنا، وتنتهي بقبول كل عرض طارئ أو حدث عابر دون التفكير في أولوياتنا. إدارة الوقت بفعالية تعني وضع خطة، وتجنب المشتتات، واختيار الأنشطة التي تخدم أهدافك، مما يساعدك في تحقيق المزيد بجهد أقل.
مهارات أخرى
بالطبع، هذه ليست المهارات الوحيدة المهمة في مكان العمل، ولكنها من أهم المهارات التي يجب تطويرها. وهناك مهارات أخرى مثل الابتسامة على شفتيك أثناء الحديث والنظر المباشر إلى وجه محدثك يعطيان شعورًا بالاحترام والثقة، مما يمهد الطريق لمناقشات مثمرة ويخلق فرصًا عظيمة. لا تكاد توجد وظيفة لا تحتاج فيها إلى مهارات تواصل عالية، بل حتى في مجالات مثل البرمجة التي قد تبدو منفصلة عن التواصل الاجتماعي، ستجد نفسك مضطرًا للتفاعل مع العملاء والزملاء، وخوض نقاشات فعّالة لضمان نجاح المشاريع.
لذلك يمكن القول إن مهارات التواصل أساسية في جميع الوظائف والظروف. سواء كنت تتواصل مع عملاء، زملاء، مديرين، أو بائعين، فإن القدرة على التعبير بوضوح وإيجابية تسهل عملية التفاهم وتجنب سوء الفهم. سواء كان هذا التواصل وجهاً لوجه أو من خلال المراسلات، يجب أن تكون قادرًا على نقل أفكارك بفعالية وإيجابية.