دورة النوم وأثرها على الصحة: كيف يؤثر النوم على الجسم وكيف تؤثر جودته على فوائده

أهمية النوم: لماذا يحتاج الإنسان إلى النوم وما علاقته بالصحة الجسدية والعقلية؟

النوم هو أحد الوظائف البيولوجية الأساسية التي يحتاجها الإنسان للحفاظ على صحته العامة. أثناء النوم، يدخل الجسم في عمليات حيوية ضرورية مثل إصلاح الأنسجة، تعزيز المناعة، وتنظيم الهرمونات. النوم يلعب دورًا حاسمًا في تحسين الأداء العقلي والبدني، حيث يساهم في تقوية الذاكرة، تعزيز التركيز، ودعم الصحة النفسية. تظهر الدراسات أن قلة النوم المزمنة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، السمنة، السكري، واضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق.

مراحل النوم ودور كل جزء وأهميته لصحة الدماغ والجسم

ينقسم النوم إلى دورات متكررة تستغرق حوالي 90 دقيقة لكل دورة، وتتكرر 4-6 مرات خلال الليل. تمر كل دورة بأربعة مراحل رئيسية:

1. المرحلة الأولى – من النوم هي مرحلة النوم الخفيف جدًا، وتستمر من 1 إلى 5 دقائق، حيث يكون الشخص ما زال شبه واعٍ بينما يبدأ معدل ضربات القلب والتنفس في التباطؤ، وتسترخي العضلات، لكن قد تحدث ارتجافات عضلية مفاجئة. تُعد هذه المرحلة جسرًا بين اليقظة والنوم، لكنها ليست أساسية لاستعادة الطاقة. تكمن أهميتها في تحسين التعلم، التكيف مع التغيرات البيئية، تنظيم الهرمونات.

2. المرحلة الثانية – من النوم هي مرحلة النوم الخفيف، وتستمر من 10 إلى 25 دقيقة، وتزداد مدتها مع التقدم في النوم. خلالها تنخفض درجة حرارة الجسم، ويتباطأ معدل ضربات القلب والتنفس، كما تحدث مغزل النوم، وهي دفعات قصيرة من النشاط الدماغي تساعد في تعزيز الذاكرة والتعلم. تلعب هذه المرحلة دورًا مهمًا في تحضير الجسم للانتقال إلى النوم العميق وتحسين وظائف التعلم والذاكرة. تكمن أهميتها أنها ضرورية للتعافي الجسدي وتقوية المناعة. وتتشارك نفس الخصائص في تحسين التعلم، التكيف مع التغيرات البيئية، تنظيم الهرمونات.

3. المرحلة الثالثة – من النوم هي مرحلة النوم العميق، وتستمر من 20 إلى 40 دقيقة في النصف الأول من الليل، لكنها تقل مع مرور الوقت. تتميز هذه المرحلة بحدوث أبطأ موجات دماغية، وإفراز هرمون النمو الذي يساعد في إصلاح وتجديد الخلايا، إضافةً إلى تنشيط الجهاز اللمفاوي لتنظيف الدماغ من السموم مثل بيتا أميلويد المرتبط بمرض الزهايمر. تعد هذه المرحلة الأهم لصحة الدماغ والجسم، حيث تساهم في إصلاح الخلايا وتقوية المناعة، كما أنها ضرورية للتعلم، الذاكرة، واستعادة الطاقة، ونقصها يؤدي إلى الشعور بالإرهاق حتى بعد نوم طويل. تكمن أهميتها أنها ضرورية للتعافي الجسدي وتقوية المناعة. إضافةً إلى إفراز هرمون النمو بشكل مكثف، مما يعزز إصلاح الأنسجة العضلية وتجديد الخلايا (الاستشفاء العضلي). غياب هذه المرحلة يؤدي إلى ضعف التعافي وزيادة مخاطر الإصابة العضلية والإرهاق البدني.

4. المرحلة الرابعة – مرحلة حركة العين السريعة هي مرحلة نوم الأحلام، وتستمر من 10 إلى 60 دقيقة، حيث تزداد مدتها في النصف الثاني من الليل. يتميز الدماغ خلالها بنشاط يشبه اليقظة، مع حدوث حركة سريعة للعينين تحت الجفون، وارتخاء شبه كامل للعضلات لمنع تنفيذ الأحلام، في هذه المرحلة، تزداد كثافة الأحلام بشكل ملحوظ، حيث ينشط الدماغ بمستوى يقارب حالته أثناء اليقظة، وتتم معالجة المشاعر والذكريات. تلعب هذه المرحلة دورًا مهمًا في تعزيز الاستقرار العاطفي وتعالج المعلومات المعرفية والعاطفية، الإبداع، وتنظيم المشاعر، إضافةً إلى تقوية الاتصالات العصبية وتحسين القدرة على حل المشكلات، بينما قد يؤدي نقصها إلى القلق، الاكتئاب، وضعف التركيز.

كيف يؤثر الحرمان من النوم على كل مرحلة؟

الحرمان من النوم يؤثر بشكل كبير على كل مرحلة من مراحل النوم ويؤدي إلى عدة تبعات صحية نفسية وجسدية. إليك تأثيره على كل مرحلة:

1. المرحلة الأولى: عندما يكون النوم غير كافٍ، يمكن أن يحدث نقص في دخول هذه المرحلة أو تقليصها. سيشعر الشخص بالنعاس الشديد، مما يجعل من الصعب الانتقال إلى النوم العميق. مما يحدث عنه زيادة في الشعور بالإرهاق والعصبية.

2. المرحلة الثانية: الحرمان من النوم قد يتسبب في قلة الوقت الذي يقضيه الشخص في هذه المرحلة، مما يؤثر على قدرة الدماغ على الاسترخاء والتركيز. يؤدي إلى الشعور بالارتباك وتدهور القدرة على الانتباه والتركيز خلال اليوم.

3. النوم العميق: يعد النوم العميق من أهم المراحل التي تساهم في تجديد الجسم وإصلاح العضلات. عندما يتم الحرمان من النوم، تنخفض مدة هذه المرحلة بشكل كبير. يؤدي لنقص في استعادة النشاط الجسدي، مما يؤدي إلى شعور بالتعب المستمر وضعف جهاز المناعة وزيادة القابلية للإصابة بالأمراض.

4. مرحلة النوم الحالم: الحرمان من النوم يؤثر بشكل كبير على هذه المرحلة، حيث يحدث اضطراب في النوم الحالم، وقد يتقلص زمن هذه المرحلة أو يتأخر دخولها. يؤدي لنقص في قدرة الدماغ على معالجة المعلومات، مما يؤدي إلى تدهور الذاكرة والتركيز. كما قد يعاني الشخص من صعوبة في التعامل مع المشاعر والعواطف.

بعض التأثيرات الأخرى على الجسم نتيجة للحرمان من النوم:

  • يؤدي نقص النوم إلى إفراز المزيد من هرمون التوتر (الكورتيزول).
  • الحرمان من النوم يضعف جهاز المناعة، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب.
  • الحرمان المزمن من النوم قد يؤدي إلى مشاعر القلق والاكتئاب، ويؤثر على الاستقرار العاطفي.

التغيرات الفسيولوجية في كل مرحلة: تأثير النوم على أهم الأعضاء داخل الجسم

  • القلب والأوعية الدموية: ينخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم أثناء النوم العميق مما يقلل من خطر الأمراض القلبية.
  • الدماغ والجهاز العصبي: يعالج الدماغ المعلومات، يزيل السموم العصبية، ويعزز القدرة على التركيز والإبداع.
  • الجهاز المناعي: يتم إنتاج الخلايا المناعية لمحاربة الالتهابات.
  • العضلات والعظام: يتم إفراز هرمون النمو خلال النوم العميق للمساعدة في تجديد الأنسجة وتقوية العظام.
أشهر اضطرابات النوم: تأثيرها على المراحل الطبيعية وأسبابها المحتملة

اضطرابات النوم من المشاكل الشائعة التي تؤثر على جودة النوم، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة الجسدية والعقلية. إليك أشهر اضطرابات النوم وتأثيرها على مراحل النوم الطبيعية وأسبابها المحتملة:

1. الأرق (Insomnia) هو اضطراب نوم يؤثر على جودة النوم ومدته، حيث يقلل من مدة النوم العميق في المرحلة الثالثة، ويزيد من فترات الاستيقاظ أثناء الليل، مما يؤدي إلى انخفاض كفاءة النوم وزيادة الوقت المستغرق في السرير دون نوم فعلي. تتعدد أسبابه وتشمل التوتر والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى العادات السيئة قبل النوم مثل استخدام الهاتف أو استهلاك الكافيين، كما يمكن أن ينجم عن اضطرابات صحية مثل الألم المزمن أو مشاكل الجهاز الهضمي.

2. انقطاع النفس الانسدادي النومي هو اضطراب يسبب استيقاظًا متكررًا خلال الليل، مما يمنع الدخول إلى النوم العميق في المرحلة الثالثة ونوم حركة العين السريعة، مما يؤدي إلى تقليل جودة النوم وزيادة النعاس المفرط أثناء النهار. يحدث هذا الاضطراب بسبب انسداد مجرى الهواء نتيجة لزيادة الوزن أو تشوهات الأنف والفك، بالإضافة إلى ضعف العضلات في الحلق، ويزيد التدخين واستهلاك الكحول من احتمالية حدوثه.

3. متلازمة تململ الساقين هي حالة تسبب حركة مستمرة للساقين، مما يؤدي إلى صعوبة الدخول في النوم العميق وقد يتسبب في اضطرابات النوم المتواصل. تحدث هذه المتلازمة نتيجة لنقص الحديد أو المغنيسيوم، مشكلات عصبية، أو تناول بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب.

4. الخدار (Narcolepsy) هو اضطراب في دورة النوم يؤدي إلى الدخول المباشر في مرحلة حركة العين السريعة خلال النهار ويسبب نوبات نوم مفاجئة أثناء اليقظة. يحدث هذا الاضطراب نتيجة لنقص بروتين "هيبوكريتين" الذي ينظم النوم واليقظة، وقد تكون العوامل الجينية أو اضطرابات المناعة الذاتية من الأسباب المؤدية له.

5. اضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية تؤثر على توقيت النوم والاستيقاظ، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على كمية النوم العميق والنوم الحالم، وقد تسبب الأرق أو النعاس المفرط. تحدث هذه الاضطرابات بسبب العمل بنظام الورديات الليلية، السفر عبر المناطق الزمنية المختلفة (اضطراب الرحلات الجوية الطويلة)، أو استخدام الأجهزة الإلكترونية ليلاً.

6. الكوابيس واضطراب النوم يؤثران على مرحلة حركة العين السريعة، حيث تحدث الكوابيس أو الحركات العنيفة، مما قد يؤدي إلى صعوبة في استكمال النوم العميق بعد الاستيقاظ من الكوابيس. تحدث هذه الاضطرابات نتيجة للقلق والتوتر، الصدمات النفسية، أو تناول بعض الأدوية أو انسحاب العقاقير.

تعليقات